عام الأزمات
الإثنين 31 كانون الأول 2018
انتهى العام 2018 على مجموعة من الأزمات المستمرة محلياً وإقليمياً وحتى دولياً ، دون أن تجد لها حلولاً.
محلياً مضى قرابة ثمانية أشهر على إجراء الانتخابات النيابية وتكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، وعلى الرغم من أن نصوص الدستور واضحة لناحية صلاحيات التأليف، وعلى الرغم من كثافة الاتصالات والمشاورات التي جرت طيلة هذه الفترة، إلا أن النتيجة هي استمرار الأزمة السياسية مستحكمة، فالبلد الى الآن دون حكومة أصيلة، والمواقف والسقوف ما زالت عالية وغير مقتنعة بخطورة الوضع، والأزمة تجر~ أزمات في مختلف النواحي، والبلد يعاني الأمرّين دون التفات أو شعور من أحد.
والى الأزمة السياسية، هناك الأزمة الإقتصادية المعيشية التي لا تقل خطورة وصعوبة ، التي يكتوي بنارها المواطن اللبناني، والتي لم تجد لها حلاً حتى الساعة على الرغم من كل التحذيرات، وعلى الرغم من المؤتمرات الدولية التي عقدت من أجل مساعدة لبنان اقتصادياً، فإن هذه الأزمة تتفاقم وتنذر بما هو أسوأ ، حيث يتخوّف البعض من انهيار اقتصادي كامل مع ما يعنيه ذلك من خطورة.
والى جانب الأزمتين السياسية والاقصادية هناك الأزمة الاجتماعية وكذلك الادارية أو إن شئت سميناها الأزمة الأخلاقية ، حيث تعمّ وتنتشر ظاهرة الفساد والفوضى في كل الادارات، وتتقدّم الأنانية والمصلحة الشخصية والحزبية الضيقة على كل الاعتبارات الأخرى، وهو أيضاً ما ينذر بانهيار الهيكل فوق رؤوس الجميع مع الزمن.
والمطلوب حيال كل هذه الازمات استشعار المسؤولية والخروج من هذا التفكير الآحادي الطوائفي والفئوي الضيق الى رحاب الوطن الذي يستحق أبناؤه الخير والاستقرار والعيش معاً برضا وقبول وتفاهم، كما يحتاجون الى الدخول الى العام المقبل 2019 مسلحين بوعيهم ووحدتهم وتقديم مصلحة الوطن على كل شيء، بعد أن يتولّد عندهم شعور الإنتماء الحقيقي الخاضع لمنطق ومبدأ المساواة والتكافؤ في المواطنة.
إقليمياً هناك الأزمات المستمرة والمتواصلة التي تهدف في جملة ما تهدف اليه إشغال أمتنا ومنطقتنا بتناقضاتها، وإشعال الفتن بينها بهدف استغلال خيراتها وابتزازها وسرقة مقد~راتها وإفشال أية مخططات للنهوض بها، ومن هنا تجري عمليات ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية من خلال ما يُعرف بـ "صفقة القرن"، وكذلك محاولات مد عمر الأزمة السورية وإنهاك القوى الاقليمية التي تحاول النهوض بهذه الأزمة ، وقطع الطريق أمام الشعب السوري لعدم تمكينه من إقامة دولة ديمقراطية مدنية يتساوى فيها المواطنون بالحقوق والواجبات ، وتشكل ركيزة لمواجهة كل مشاريع الهيمنة التي تريد النيل من المنطقة.
إقليمياً أيضاً نرى محاولات انهاك القوى الاقليمية التي وقفت الى جانب ثورات الشعوب العربية، لا سيما الدولة التركية التي أدت دوراً مهماً في عملية صناعة بعض التوازنات في المنطقة لصالح دعم ورعاية الشعوب المتطلعة الى الحرية والكرامة. وأغلب الظن أن محاولات انهاك هذا الدور سيستمر في العام 2019 لأنه يكاد يشكل العقبة الكأداء امام مشاريع تطويع المنطقة لصالح القوى الكبرى المهيمنة.
الى ذلك هناك الدور الايراني في المنطقة ، الذي يغضب البعض ويفرح ويسعد البعض الآخر، والذي تعرّض لعقوبات في العام 2018 وهو معرّض أيضاً لمزيد منها في العام 2019.
أما إرادات الشعوب التي صودرت في الأعوام السابقة في بعض الأقطار، فإن الثورات المضادة في تلك البلدان ستستمر في محاولاتها مدعومة من أكثر من طرف، لأنها لم تتمكن حتى الآن من إطفاء جذوة الربيع الذي يمكن ان يعود ويزهر في أي لحظة ، وهو المأمول في العام 2019.
المكتب الإعلامي المركزي